الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وقوله: {آيَةً أُخْرَى}، المعنى هى آية أخرى وهذه آية أخرى، فلمَّا لم يأت بهى ولا بهذه قبل الآية اتَّصلت بالفعل فنُصبت.{لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى}.وقوله: {مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى}.ولو قيل: الكُبَر كان صَوَابًا، هى بمنزلة {الأسماء الحسنى} و{مآرب أخرى}.{وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي}.وقوله: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي}.كانت في لسانه رُتَّة.{هَارُونَ أَخِي}.وقوله: {هَارُونَ أَخِي}.إن شئت أوقعت {اجعل} على {هارون أخى} وجعلت الوزير فعلا له. وإن شئت جعلت {هارون أخى} مترجمًا عن الوزير، فيكون نصبًا بالتكرير. وقد يجوز في {هارون} الرفع على الائتناف لأنه مَعْرفة مفِّسر لنكرة؛ كما قال الشاعر:
{اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} وقوله: {اشْدُدْ بِهِ}.دعاء: {اشدُدْ به} ياربّ {أَزْرى وأشركه} يارب {فى أمرى}. دعاء من موسَى وهى في إحدى القراءتين {أَشْدُدْ بِهِ أزْرِى وأُشْرِكْه في أَمرى} بضم الألف. وذكر عن الحسن {أَشْدُدْ به} جزاء للدعاء لقوله: {اجعل لى} {وأُشْرِكه} بضم الألف في {أشركه} لأنها فعل لموسى.{وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى} وقوله: {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى}.قبل هذه. وهو ما لطف له إذْ وقع إلى فرعون فحببَّه إليهم حتَّى غَذَوه. فتلكَ المنَّة الأخرى مع هذه الآية.{إِذْ أَوْحَيْنَآ إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلاَ تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يامُوسَى}.وقد فسّره إذ قال: {إِذْ أَوْحَيْنَآ إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى}.{أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ} ثم قال: {فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ} هو جزاء أخرج مُخرج الأمر كأن البحر أُمر. وهو مثل قوله: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ} المعنى. وَالله أعلَم: اتبعُوا سبيلنا نحمل عنكم خطاياكم. وكذلك وعدها الله: ألقيه في البحر يُلْقِه اليمّ بالسّاحل. فذكر أن البحر ألقاه إلى مَشْرَعة آل فرعون، فاحتمله جواريه إلى مرأته.وقوله: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي} حُبِّب إلَى كلّ من رآه.وقوله: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}.{إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ}.ذكر المشى وحده، ولم يذكر أنها مشت حتّى دخلت عَلى آل فرعون فدلّتهم على الظِّئر وهذا في التنزيل كثير مثله قوله: {أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأوِيِله فَأَرْسِلُونِ يُوسُفُ} ولم يقل فأُرسل فدَخَل فقال يوسف. وهو من كلام العرب: أن تجتزئ بحذف كثير من الكلام وبقليله إذا كان المعنى معروفًا.وقوله: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} ابتليناك بالغم: غمّ القتل ابتلاء.وقوله: {عَلَى قَدَرٍ يامُوسَى} يريد على ما أراد الله من تكليمه.{اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي}.وقوله: {وَلاَ تَنِيَا}.يريد: ولا تضعُفا ولا تفتُرا عن ذكرى وفى ذكرى سواء.{فَقُولاَ لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}.وقوله: {قَوْلًا لَّيِّنًا}.حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثنى محمد بن أبان القرشىّ قال: كَنَّياهُ. قال محمد بن أبان قال يكنى: أبا مُرّة، قال الفراء. ويقال: أبو الوليد.{قَالاَ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ أَوْ أَن يَطْغَى}.وقوله: {أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ}.و{يُفْرِط} يريد في العجلة إلى عقوبتنا. والعرب تقول: فَرَطَ منه أمر. وأفرط: أسْرف، وفَرَّط: توانى ونسى.{فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلاَمُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى}.وقوله: {إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ}.ويجوز رَسُول ربك لأن الرسول قد يَكون للجمع وللاثنين والواحد. قال الشاعر: أرَاد: الرُّسْلَ.وقوله: {وَالسَّلاَمُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى}.يريد: والسلامة على من اتّبَع الهدى، ولِمن اتّبع الهدى سواء قال أمر موسى أن يقول لفرعون: {والسلام على من اتَّبع الهدَى}.{إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّى}.وقوله: {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّى}.دليل على معنى قوله: يَسْلم مَنِ اتَّبع الهدى.{قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يامُوسَى}.وقوله: {قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يامُوسَى}.يكلِّم الاثنين ثم يجعل الخطاب لواحد؛ لأن لكلام إنما يكون من الواحد لا من الجميع. ومثله مما جُعِل الفعل على اثنين وهو لواحدٍ.قوله: {نسِيَا حُوتَهُمَا} وإنما نسيه واحد ألا ترى أنه قال لموسَى {فَإنِّي نَسيِتُ الحُوتَ} ومثله {يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلؤُ والمَرْجَانُ} وإنما يخرج من المِلح.وقوله: {أَعْطَى كُلَّ شيء خَلْقَهْ} يقال: أعطى الذَكَر من الناس امرأة مثله من صِنفه، والشاة شاة، والثور بقرة.{قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}.وقوله: {ثُمَّ هَدَى}.ألهم الذكر المَأْتَى.{قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى}.وقوله: {فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي}.رَبَّى أى لا ينساه و{رَبّى} في موضع رفع تضمر الهاء في يَضِلّه {وَلاَ يَنسَى} وتقول: أضللت الشىء إذا ضاع؛ مثل الناقة والفرس وما انفلت منكَ. وإذا أخطأت الشىء الثابت موضعه مثل الدار والمكان قلت: ضلَلته وضلِلته لغتان ولاَ تقل أضللت ولا أضللته.{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى}.وقوله: {أزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى}.مختلفِ الألوان والطعوم.{كُلُواْ وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذالِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي النُّهَى}.وقوله: {إِنَّ فِي ذالِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي النُّهَى}.يقول: في اختلاف ألوانه وطَعْمه آيات لذوى العقول. وتقول للرجل. إنه لذو نُهيْة إذا كانَ ذا عقل.{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى}.وقوله: {تَارَةً أُخْرَى}.مردودة على قوله: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} لا مردودة على {نُعِيدُكُمْ} لأن الأخرى والآخَر إنما يردّان على أمثالهما. تقول في الكلام: اشتريت ناقةً ودارًا وناقة أخرى فتكون {أخرى} مردودة على الناقة التى هى مثلها ولا يجوز أن تكون مردودةً على الدار. وكذلك قوله: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} كقوله: {مِنْهَا} أخْرجناكم، ونخرجكم بعد الموت {مرة أخرى}.{فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَانًا سُوًى}.وقوله: {فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا}.يَقول: اضرب بينَنا أجلا فضَرَب. وقوله: {مَكَانًا سُوًى} و{سِوَى} واكثر كلام العرب سَواء بالفتح والمدّ إذا كان في معنى نَصْفٍ وعَدْلٍ فتحوه ومدّوه كقول الله {تعالوا إلَى كلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} والكسر والضمّ بالقصر عربيّان ولا يكونان إلا مقصورين وقد قرىء بهمَا:{قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى}.وقوله: {يَوْمُ الزِّينَةِ}.ذكر أنه جعل موعدهم يوم عيد، ويقال: يوم سوق كانت تكون لهم يتزيَّنون فيها.وقوله: {وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى} يقول: إذا رأيت الناس يُحشرون من كل ناحيةٍ ضحىً فذلك الموعد. وموضع {أن} رفع تردّ على اليوم، وخفضٌ ترد على الزينة أى يوم يحشر الناس.{قَالَ لَهُمْ مُّوسَى وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى}.وقوله: {فَيُسْحِتَكُم}.وسحت أكثر وهو الاسْتئصال: يستأصلكم بعذاب. وقال الفرزدق: والعرب تقول سَحَتَ وأسْحَت بمعنى واحد. قال: قيل للفراء: إن بعض الرواة يقول: ما به من المال إلا مُسْحَت أو مجلّف: قال ليس هذا بشىء حدّثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثنى. أبو جعفر الرؤاسىّ عن أبى عمرو بن العلاء قال: مرّ الفرزدق بعبدالله بن أبى إسحاق الحضرمىّ النحوىّ فأنشده هذه القصيدة. فقال عبدالله للفرزدق: علام رفعت؟ فقال له الفرزدق: على مايسوءك.{فَتَنَازَعُواْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى} وقوله: {فَتَنَازَعُواْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ}.يعنى السَحَرة قال بعضهم لبعض: إن غلَبَنا موسَى اتَّبعناه وأسرُّوها من فرعون وأصحابه.{قَالُواْ إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى}.وقوله: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} قد اختلف فيه القراء فقال بعضهم: هو لحن ولكنا نمضى عليه لئلاّ نخالف الكتاب. حدَّثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثنى أبو معاوية الضرير عَنْ هاشم بن عُروة بن الزُبَير عن أَبيه عن عَائِشة أَنها سُئِلت عن قوله في النساء {لَكِنِ الراسِخُونَ في العِلْمِ مِنْهمْ والمُقِيمِينَ الصلاةَ} وعن قوله في المائدة {إِنَ الذِينَ آمَنوا والّذِين هَادُوا والصَّابِئُونَ} وعن قوله: {إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} فقالت: يا بن أَخى هذا كان خطأ من الكاتب. وقرأَ أَبو عمرو {إنَّ هَذَيْنِ لَساحِرَان} واحتجّ أَنه بلغه عن بعض أَصحاب محمد صَلى الله عَليه وسَلم أنه قال: إن في المصحف لَحْنًا وستقيمه العرب.قال الفراء: ولست أشتهى على أن أخالف الكتاب وقرأ بعضهم {إنْ هَذَان لساحران} خفيفة وفى قراءة عبد اللّه: {وأسروا النجوى أن هذان ساحران} وفى قراءة أبىّ {إن ذان إلّا ساحران} فقراءتنا بتشديد {إنّ} وبالألف على جهتين.إحداهما على لغة بنى الحارث بن كعب: يجعلون الاثنين في رفعهما ونصبهما وخفضهما بالألف.وأنشدنى رجل من الأسد عنهم. يريد بنى الحارث: قال: وما رأيت أفصح من هذا الأسدىّ وحكى هذا الرجل عنهم: هذا خطّ يدا أخى بعينه.وذلك- وإن كان قليلا- أقيس لأنّ العرب قالوا: مسلمون فجعلوا الواو تابعة للضمّة لأن الواو لا تعرب ثم قالوا: رأيت المسلمين فجعلوا الياء تابعة لكسرة الميم. فلمّا رأوا أن الياء من الاثنين لا يمكنهم كسر ما قبلها، وثبت مفتوحا: تركوا الألف تتبعه، فقالوا: رجلان في كل حال.وقد اجتمعت العرب على إثبات الألف في كلا الرجلين في الرفع والنصب والخفض وهما اثنان، إلّا بنى كنانة فإنهم يقولون: رأيت كلى الرجلين ومررت بكلى الرجلين. وهى قبيحة قليلة، مضوا على القياس.والوجه الآخر أن تقول: وجدت الألف من هذا دعامة وليست بلام فعل، فلمّا ثنّيت زدت عليها نونا ثم تركت الألف ثابتة على حالها لا تزول على كلّ حال كما قالت العرب {الذي} ثم زادوا نونا تدلّ على الجماع، فقالوا: الذين في رفعهم ونصبهم وخفضهم كما تركوا {هذان} في رفعه ونصبه وخفضه. وكنانة يقولون اللّذون.وقوله: {وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى} (63) الطريقة: الرجال الأشراف وقوله {المثلى} يريد الأمثل يذهبون بأشرافكم فقال المثلى ولم يقل المثل مثل {الْأَسْماءُ الْحُسْنى} وإن شئت جعلت {المثلى} مؤنّثة لتأنيث الطريقة. والعرب تقول للقوم: هؤلاء طريقة قومهم وطرائق قومهم: أشرافهم، وقوله {كُنَّا طَرائِقَ قِدَدًا} من ذلك. ويقولون للواحد أيضا: هذا طريقة قومه ونظورة قومه وبعضهم: ونظيرة قومه، ويقولون للجمع بالتوحيد والجمع: هؤلاء نظورة قومهم ونظائر قومهم.وقوله: {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ} (64) الإجماع: الإحكام والعزيمة على الشيء. تقول أجمعت الخروج وعلى الخروج مثل أزمعت قال الشاعر: يريد قد أحكم وعزم عليه. ومن قرأ {فاجمعوا} يقول: لا تتركوا من كيدكم شيئا إلّا جئتم به.وقوله {مَنِ اسْتَعْلى} من غلب.وقوله: {إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى} (65) و{أن} في موضع نصب.والمعنى اختر إحدى هاتين. ولو رفع إذ لم يظهر الفعل كان صوابا، كأنه خبر، كقول الشاعر: ولو رفع قوله: {فإمّا منّ بعد وإمّا فداء} كان أيضا صوابا. ومذهبه كمذهب قوله: {فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ} والنصب في قوله: {إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ} وفى قوله: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً} أجود من الرفع لأنه شيء ليس بعامّ مثل ما ترى من معنى قوله: {فَإِمْساكٌ} و{فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} لمّا كان المعنى يعمّ الناس في الإمساك بالمعروف وفى صيام الثلاثة الأيام في كفّارة اليمين كان كالجزاء فرفع لذلك. والاختيار إنما هى فعلة واحدة، ومعنى {أفلح} عاش ونجا.وقوله: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى} (66) {أنّها} في موضع رفع. ومن قرأ {تخيّل} أو {تخيّل} فإنها في موضع نصب لأن المعنى تتخيل بالسعي لهم وتخيّل كذلك، فإذا ألقيت الباء نصبت كما تقول: أردت بأن أقوم ومعناه: أردت القيام، فإذا ألقيت الباء نصبت. قال اللّه {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ} ولو ألقيت الباء نصبت فقلت: ومن يرد فيه إلحادا بظلم.
|